الجمعة، 22 فبراير 2013

ما هى اللّا أدرية؟....وهل هى تختلف عن الالحاد؟

                                          
اللّاأدريّة Agnosticism   هى نظريّة  فلسفيّة تُعبّر عن قصور المعرفة البشريّة، عن الشك والعجز ، الذى يعترى الفكر البشرى من التيقن ما اذا كان هُناك اله له وجود شخصى يحكم قوانين الطبيعة أم لا. ولفظة الّلاأدريّة  قد صيغت لتقابل الكلمة الانجليزية Agnosticism وهى التى صاغها الفيلسوف الانجليزى توماس هكسلى عام 1869  من الأصلين اليونانيّن"gnostikos " بمعنى "المعرفة"والبادئة اليونانيّىة "a" وهى التى تعطى معنى النفى أو "لا". وقد صاغها هكسلى ليُعبر عن الاتجاه العقلى الذى يرى عدم جدوى امكان معرفة الحقيقة لكل أفكارنا الدينيّة أو الفلسفية أو العلميّة. وعندم صاغ هكسلى ذلك المُصطلح، فهو قد عنى به منذ البد اية مُعارضة المذهب القديم الذى ظهر فى القرنين الثانى والثالث الميلاديّين  الذى زعم أنّ  العقل البشرى بامكان  معرفة كل شيئ، فليس من شيئِ معرفته مُستغلقة على الفهم البشرىّ. .ذلك  هو المذهب الغنوصىّAgnostic  الذى أراد هكسلى أن يُضاده منذ البداية قادحاً فى امكان المعرفة اليقيّنية. فهذه الضدّية antithesis الذى قدمها هكسلى ليقابل بها مذهب الغنوصيّين فى امكان يقينيّة المعرفة ألقت بظلال الشك على مُسلمات الّلاهوت الطبيعىّ والجدل الايمانى الذى يُعضد وجود اله لهذا الكون. ولكن لنا أنّ نلاحظ أنّ الافتراض الذى افترضه هكسلى عند صياغتة لهذا المُصطلح غير عادل أو حقيقىّ،حيث أنّه افترض أنّ اللاهوت الطبيعى الذى يُسلّم بوجود اله خالق داخلُ ضمن مذهب المعرفة المُطلقةGnosticism  وهو افتراض جانبه الصواب حيث أنّ الضدّين المُتقابلين هما ذلك المذهب الذى يدّعى امكان معرفة كل شيئ وذلك الذى صاغه هكسلى الذى يدّعى عدم امكان التيقن من معرفة أى شيئ. انّ اللاهوت الطبيعىّ الذى يقول بأنّ التيقن من وجود اله ممكنُ يقف فى الوسط بين افراط الغنوصيين وتفريط هكسلى. هناك لاأدريّة علمية ولا أدرية فلسفية، فمثلاً هربرت سبنسر Herbert Spenser  الفيلسوف الانجليزى كان يُمثل الاتجاهين، فهو كان يرى هناك أربع مُعضلات لا يمكن التيقن منها وأولها مُعضلة الحركة، فلو افترضنا أنّ سفينة "س" تسير بسرعة "ص" تمر فى عرض فى اتجاه الجنوب  البحر وأنّ هناك راكب يسير فى اتجاه الشمال بنفس السرعة"ص".فالبنسبة للواقفين خارج السفينة، هل هل يتحرك الراكب؟ بالطبع لا لأنّ حركة السفينة تلغى حركته...طبق  ذلك على حركات باقى الأفلك، فلن تجد حركة واحدة مُطلقة، اذ هى تختلف باختلاف الرائى...ثانياً، مُعضلة المكان، فلا يستقيم للعقل أنّ المادة قابلة للنقسام الى ما لا نهاية...ولا يستقيم للعقل أيضاً أن تصل الى حد لا تنقسم فيه اذ طالما هى مادة ولها اتجاه علوى واتجاه سفلى وداخلى وخارجى فهى لابد أن تنقسم...ولا يمكننا أن تصور أنّ المادة تصل الى وحدات ليس لها أبعاد..العقل لا يستريح الى اللا نهائيّة...ولو أقرّ العقل أنّها تصل الى حد لا تنقسم عنده، فهى اذن ما نسميه الروح....ولكن هل المادة تنتهى الى طبيعة الفكر أو الوعى أو الروح؟!!...لا ندرى..We are agnostic ..رابعاً، معضلة أصل الكون. هناك ثلاث أطروحات كلها يرفضها العقل الخالص، أولها أطروحة الالحاد Atheism وهو أنّ الكون موجود بذاته قديم أزلى ، وذلك غير مقبول من العقل لأنّنا لايمكننا تصور شيئ من غير بداية وحتى لو قبلنا بذلك فانّ طبيعة وجوده لن تكون مفهومة لنا. ثانياً أطروحة  الديانة الكونيّةPantheism  وهو أنّ الكون أنشأ نفسه بنفسه وهو يختلف عن الالحاد فى أنّ الديانة الكونيّة ترى أنّ الكون حادثاً وغير قديم وأنّه ارتقى الى حيث الوجود الانسانىّ ونحن ،بنى البشر، جزءُ من تطور هذا الكون..وهذه لا يُمكن تصورها أيضاً، اذ لماذا حدث هذا التطور وكيف يكون الفاعل والمفعول به نفس الشيئ؟!!..كيف خلق الكون نفسه ؟!!..لماذا خلق الكون نفسه؟!!..الأُطروحة الثالثة هى أنّ خالقُ ما قام بخلق الكون كما يقوم صانع الأثاث بتصميم كنبة أو كرسىّ..ولكن حتّى هذا الافتراض لن يساعدنا كثيراً، حيث أنّ صانع الأثاث يصمم من مادة لم يخلقها هو بل موجودة بالفعل.فلو افترضنا أنّ  الله قام بتصميم الكواكب والنجوم والأفلاك ، فاننا نفترض مُسبقاً أنّ المادّة الذى صممّ منها كانت موجودة بالفعل وهو فقط قام باعطائها تصميمها الحالى..ولكن من أين أتت هذة المادة الغُفل الخام أو الهيولى كما يُسميها الأغريق القُدماء؟!..فهل قام الله بخلق المادة والمكان والزمان والحركة من العدم؟، واذا كان ذلك حقاً، فمن أين أتى الله؟..هل خلق نفسه أم هو موجود بذاته أزلى؟ ... هل قام غيره بخلقه؟...لا ندرىWe are agnostic ....يقول سبنسر أنّ ذلك من شأن الدين فهو الذى يفصل فى القضايا الذى لا يفصل فيها العلم أو الفلسفة...




Enhanced by Zemanta

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق