الأربعاء، 27 مارس 2013

هل الديانات انعكاس لرغبات المتدينين؟



 انّ واحدة من أكثر الانتقادات شيوعاً التى تُوجه من قبل المُلحدين ليقدحوا فى أصحاب الديانات هو أنّ تللك الديانات ما هى الّا انعكاس لتمنيّات المُعتقدين. فأصحاب الديانات من الضعف عن مواجهة وقائع الحياة بحيث ينشدون كائن أعلى ليُلقوا عليه تبعة ضعفهم وليُعلقوا عليه أمانيهم العاجزة. فهؤلاء الأقوياء الذين يُجيدون التعامل مع واقع الحياة ،حُلوها ومُّرها، لا يلجئون الى افتراض وجود اله يُعلقون عليه تطلعاتهم . وهذا الرأى خاطئ لأنّ المُلحدين أنفسهم لهم نفس النزعة المُتمنيُة فى الاعتقاد ولو لم يكن لكائنِ أعلى. واذا جاريناهم فى قولهم أنّ أصحاب الاعتقاد يؤمنون لكى ينتفعوا من وراء اعتقادهم ، فانُه يتضح بالاستقراء أنّهم لا يُحصلون كثيراً أو قليل فى حياتهم الدنيا من وراء اعتقادهم. لذا، فهذا يعنى أنّهم يؤمنون . لأنّ هُناك دواعى أُخرى للايمان غير تحقيق الأمانى فى هذا العالم الفانى. انّ الانسان فى الحقيقة لا يخدع نفسه باعتقاد ما هو يعلم فى قرارة ضميره أنّه باطل وغير صحيح. فالأعتقاد لكى يكون مُريحاً  وله أثره المطلوب فى حياة مُعتقديه لابد أنّ يكون أكثر من كونه اعتقاد خادع مأمول مُريح فى حياتنا الدنيا، اذ لابُدّ أنّه يتعلق ،على وجه التحقيق، بغاية عُظمى تتجاوز حياتنا الفانية.أولاً، لنسأل: هل الإلحاد فقط  نزعة  عاطفيّة مُتمنيّة؟ وأول رد على الرأي القائل                                                                                                     بأن الإيمان بالله هو مجرد التمنّي هو أنّ الإلحاد  أيضاً هو مجرد  تفكير عاطفي . فالايمان بالله له  مُقتضيات  وهى الالتزام بأوامره ونواهىيه والّا فالفرد يخرج من حظيرة الايمان. انّ الالتزام التام بمتطلبات الايمان أمرُ شاقُ على النفس، لذا فعلى الانسان أنّ يختار امّا الاعتقاد والالتزام أو الانكار ومُجارة النفس فى شهواتها. هذا أمرُ جدُ صعبُ على النفس التى تُريد أنّ تُجارى نوازعها ؛ لذا فالمُلحد ، اختياراً للطريق الأسهل، يُريد ألّا يؤمن لأنُه  غير قادر على التعامل مع والواقع الايمانى. و يعتقد البعض أن هذا ّ  هو سبب الالحاد الحقيقىّ، غير أنّ ما قصدتُ اليه هو أنّ، لو كان حقيقىّ أنّ الديانات لابد أنّ تُنبذ لكونها غير منطقية لأنّها،كما يزعم المُلحدون،تُمثل الراحة  والدعامة المعنوية التى تُحرّر المؤمنين من هموم الحياة الدُنيا،فانّه لابد من نبذ الالحاد لأنّه يُمثّل كذلك الدعامة التى تُحرر المُلحدين من مطلوبات الايمان. واذا كان المُلحدون لا يتخلون عن الحادهم فانّه من الأولى لأصحاب الديانات أنّ لا يتخلوا عن ايمانهم. أما الرأى  الرأي القائل بأن المسيحية هي مجرد  دعامة  عا طفيّة  للضعفاء  الذين يعتقدون فى الديانات "لأنّها تُريحهم بالراحة والجنة فى الآخرة "هو رأى ساقط لسبب بسيط وهو أنّ الديانات فيها من التهديد والوعيد الكثير الزاجر المُنفّر. فالأولى،اذن، للمعتقدين ألّا يعتقدوا  فيها، غير أنّهم فى الواقع يؤمنون لأنّهم يعتقدون أنّه هو الحق بغض النظر عن الترغيب أو الترهيب الموجود فى الديانات. بل على النقسض ممّا يزعم المُلحدو، فانّ الديلنات فيها الكثير من الآيات بأنّ المؤمنين هم أشد الناس ابتلاءاً فى الحياة الدنيا. ولكى نُنهى القول فى ادعاء الملحدون بعاطفيّة الاعتقاد لدى أصحاب الديانات، فانّنا : اذا صحّ ادعائكم بأنّ المتدينون يعتقدون فى اله فقط ليكون  دعماً عاطفياُ لهم  فى مواجهة مصاعب الحياة، فانّه يصحّ بنفس الدرجة الاعتقاد بأنّ أحدكم، عند مروره بضائقة ماليّة شديدة، يقترض الأموال الكثيرة ، ثمّ انّه يُريح نفسه من عبء الشعور بعدم القدرة على السداد  بأنّ  يكذب على نفسه ويبالغ فى خديعتها ويقول: " بالطبع أنا أومن بوجود نقوداً تحت هذه الأريكة، وأنّنى لو ذهبت واختبرت ايمانى ذلك فسوف أجدها كما أعتقد!". ولكن، هل يبنى ذلك المُلحد علاقاته الماليّة على ذلك الوهم المزعوم الذى خلقه لنفسه؟!....قطعاً لا، لأنّ ليس هناك مبرر منطقى يدعو الى ذلك الشعور. فأصحاب الديانات امعتقدون فى وجود اله يؤمنون لأنّ ذلك مُريح عاطفياً وأكثر من ذلك، وهو أنّ تلك الديانات لها ما يُبررها عقلياً.


Enhanced by Zemanta

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق