الثلاثاء، 9 أبريل 2013

ماذا تعلم عن سبارتاكوس ؟

Spartacus
                                                              
سبارتاكوس Spartacusهو قائدُ  أشهر ثورات العبيد وأشدّها خطْراً فى العصور القديمة، أصلهُ من إقليم تراقية ، ولعلّهُ كان سليل أحد البيوتات الملكيّة المعروفة باسم سبارتى Sparti التى كانت تحكم مملكة بوسبورانوم على البحر الأسود ، ويروى المؤرّخ أبيانوس أنّ سبارتاكوس حارب الرومان ووقع فى أسرهم ، ويبدو أنّ ذلك قدّ حدث فى أثناء الحروب فى أثناء الحروب الميثريداتيّة (89 - 82 ق . م ) التى ثار فيها التراقين لنيل حُريتهم، بيِعَ سبارتاكوس فى أسواق النخاسة  وأُخذ الى إيطاليا حيث دخلَ مدرسة المُجالدين الشهيرة فى مدينة كابوه ( على خليج نابولى ) بسبق قوته الجسديّة الخارقة ، وفيها تعلّمَ فنون المُبارزة والقتال للترفيه عن الطبقة الأُرستقراطيّة الرومانيّة فى حلبات السرك الدمويّة. تمكن سبارتاكوس فى صيف عام 74 ق . م مع 70 تقريباً من رفاقه المُجالدين من الفرّار من كابوه  والإلتجاء إلى جبل فيزوف القريب وتحصنوا فيه ، وبدأوا يُغيرون على المناطق المُجاورة ، وانضمّ إليهم عددٌ ككبير من العبيد الفاريّن.
 تزعّم سبارتاكوس أُولئك الثائرين،وأُختير اثنان من العبيد الكلتيّين( نسبةً الى كلتة فى بريطانيا الآن ) هما كريكوسKrixus و أوينوماوس Oniomaos  لمعاونته فى القيادة ، وتمكنوا من دحر أول جيش رومانى أُرسلِ إليهم ، ثمّ هزموا جيْشاً ثانياً بقيادة البرايتور فارينيوس واستولوا على أسلحته. وبدأتْ حركته تّتسع وتأخذ أبعاداً خطيرة، وسقطتْ مناطق واسعة فى جنوبى إيطاليا فى أيْدى الثائرين الذين انضمتْ إليهم أعداد كبيرة من الأحرار البروليتاريين والذين تمّ تدريبهم وتسليحهم، وهكذا تشكّل تحت قيادة سبارتاكوس حيشٌ كبيرٌ ضمّ عشرات الألإلوف من الثائرين المُتعطشين للحُريّة والإنتقام من أسيادهم الذين كانوا يسومونهم شتّى أنواع العذاب والظلم والإستغلال، وبعد أن تفاقم الوضعُ كثيراً ودبّ الذعرُ والهلع فى قلوب أثرياء الرومان قرّر مجلسُ الشيوخ الرومانى إرسال قوات كبيرة بقيادة القنصلين للقضاء على التمرّد، وفى الوقت ذاته نشب خلافٌ فى مُعسكر الثائرين ، وانفصل كريكسوس مع أتباعه الغاليّين ، ولكنّه لقى هزيمة كاسحة على أيدى القوّات الرومانيّة ، وقُتل فى موقع جرجانوس فى منطقة أبوليا.
 أمّا سبارتاكوس الذى أراد أنْ يقود الثائرينإلى أوطانهم الأصلّية فقدّ شقّ طريقه إلى إيطاليا عبر جبال الأباينAlpine  ، وتمكن من الإنتصار على القُنصليْن الواحد تلوْ الآخر ، ثمّ هزمهما فى معركة ثالثة ، وأقام احتفالاً جنائزيّاً لرفقة الذين  سقطوا فلى المعارك ضحّى فيهخ ب 300 رومانى تصارعوا فيما بينهم حتّى الموت، وحهّز سبارتاكوس قوّات لعبور جبال الألب ، وهزم آخر جيش زومانى اعترض طريقه  عند مدينة موتينا Mutina  ، ولكنّ أتباعه رفضوا مُغادرة إيطاليا وطلبوا منه التوجّه ثانيةً إلى الجنوب والزحف على روما ، غير أنّ سبارتاكوس كان يُدرك استحالة مُهاجمة روما وسار إلى منطقة لوكانيا ، وحيال هذا الوضع قرّر مجلس الشيوخ تكليف ماركوس كراسوس Crassus  بالقضاء على ثورة المُجالدين ، ووضع تحت إمرته كلّ القوات والإمكانات المُتاحة.
كان كراسوس أحد أشهر الأرستقراطييّن الرومان وأغنى أغنياء روما فى ذلك الحين ، جمع ثروة طائلة نتيجة استغلاله ظروف الحرب الأهليّة الرومانية ، وكان بذلك الرجل المؤهل للقضاء على ثورة اجتماعيّة تسعى الى انتزاع الملْكيّة والثروات من الأسياد الرومان. وسار كراسوس على رأس 6 فرق رومانيّة ،إضافةً إلى فلول القوات المهزومة ، كما انضم كثير من أثرياء الرومان ومن أتباعهم الذين كانوا يخشوْن على مُمتلكاتهم وثرواتهم وحياتهم ، واستعملِ كراسوس مُنتهى الشدّة  والقسوة مع جنوده لإعدادهم للمعركة المُقبلة مع المُجالدين الثائرين الذين بثّوا الرعب فى قلوبهم ، ولمّا تمّ له ذلك سار على رأس هذا الجيش الهائل المُدرّب على فنون القتال  والتسلّح بأمضى الأسلحة زاحفاً ضدّ سبارتاكوس  وقوّاته ، وتمكن من تطويقهم فى أقصى جنوبى إيطاليا بالتحصينات والخنادق. وحاول سبارتاكوس المُحاصر الإتفاق مع القراصنة ليقوموا بنقل قواته إلى جزيرة صقليّةSicily  موطن ثورات العبيد السابقة اتى تأوى أعداداً كبيرةً منهم، ولكن الرومان قاموا برشوة القراصنة الذين خذلوه وتخلّوا عنّه ، ونجح سبارتاكوس أخيراً فى اختلراق الحصار المفروض عليه وسار باتجاه ميناء برونديزيوم بهدف الإبحار منه إلى بلاد اليونان ، ولكنّه لم ينجح فى الإستيلء عليه بسب وصول قوّات رومانيّة مقدونيّة.
وجرت معركة مع قوات كراسوس خرج منها سبارتاكوس مُنتصراً، ولكنّ جيشه انقسم مرة أُخرى ولقى العبيد الكلتيون والجرمان الذين انفصلوا عنه هزيمة مُنكرة وتمّ القضاء عليهم ، وطلب كراسوس إلى مجلس الشيوخ إرسال المزيد من القوات التى جاءت من إسبانيا بقيادة بومبيوس. وهكذا تمّ تطويق الثاثرين، وأيقن سبارتاكوس أن لا أمل له فى الإنتصار على هذه الجيوش الجرّارة، وجربت معركة رهيبة قاتل فيها سبارتاكوس قتال الأبطال حتّى سقط هو ومعظم أتباعه صرعى فى ساحة الوغى، ولم يتمكن الرومان من العثور على جُثُته للتمثيل بها ، وانفرط عَقدُ الثائرين وتفرقوا مجموعات تناثرتْ هُنا و هُناك ، وحاولتْ الإلتجاء إلى المناطق الجبليّة  ولكن تمذ القضاء عليها واحدة تلو الأُخرى، وقام القائدُ المُنتصر كراسوس بتعليق 6 آلاف من اعبيد الثائرين على الصُلبان التى نُصبتْ على طول الطريق المُمتد من روما إلى كابوه ليكونوا عبرة لكل من يُفكّر بخلع نيْر العبوديّة والثورة على أسياده الرومان.
وتمكن بومبيوس العائد من أسبانيا من القضاء على آخر فلول الثّوار ، وأعلن نهاية ثورة سبارتاكوس وعاد إلى روما عام 70 ق . م ليتقلّد مع كراسوس القُنصليّة مُكافأة لهُما على تخليصها من ذلك الكابوس الرهيب. وانتهت بذلك أخطر ثورات العبيد الكبرى وآخرها فى التاريخ الرومانى بعد ثلاث سنوات من صراعٍ مريرٍ سقط فيه عشرات الألوف من القتلى ، ولقدّ سبقتها ثورات أُخرى كان أشهرُها تلك التى جرتْ فى صقلّة 0139 - 131 ق . م) بقيادة أحد السوريين المدعو أوينوس Eunus  الذى تزعم العبيد الثائرين ، وأعلن نفسه ماكاً عليهم وقاوم الجيوش الرومانيّة سنوات عديدة حتّى تمّ القضاء عليه.كان سبارتاكوس من أشهر الشخصيّات فى التاريخ القديم ، تصفه المصادر التاريخيّة بصفات نبيلة ، فهو شهمٌ وشُجاعٌ ويملك قوّة بدنيّية خارقة ومواهب عسكريّة وتنظيميّة فذّة، تمكن مع جيشه الهشّ التسليح والقليل التدريب والمؤلّف من عناصر مُتباينة مُتنافرة من إلحاق الهزيمة بالجيوش الرومانية فى  7 معارك مُختلفة ، كان هدفه الأساسي تحرير العبيد وعودتهم إلى بلادهم الأصليّة ، ولكن انتصاراته شجّعتْ أتباعهُ على البقاء فى إيطاليا ، كما أنّ انقسامهم واختلاف أهدافهم أضعف شوكتهم وسهّل أخيراً القضاء عليهم. ظلّ سبارتاكوس حيّاً فى ذاكرة الأجييال المُتعاقبة بوصفه رمزاً للثورة على الظلم للأرقّاء من نيْر العبوديّة، وكانت شخصيّته موضوعاً لعدد كبير من الأعمال الأدبيّة والفنيّة فى العصر الحديث، وتسمّى باسمه عدد من الحركات الإشتراكيّة فى القرن العشرين، كما عُرفتْ الثورة التى اندلعتْ فى برلين عام 1919  بعد الحرب العالميّى الأولى  بزعامة  ليبكنختLiebknecht    وروزا لوكسمبورجR . Luxembourg  بانتفاضة سبارتاكوس.


Enhanced by Zemanta

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق